قررت العديد من جمعيات ذوي الاحتياجات الخاصة هذا العام مقاطعة الاحتفالات الرسمية باليوم الوطني للمعاق الذي يصادف 14 مارس من كل عام، معتبرين هذا اليوم مناسبة لإطلاق الوعود التي لم تتحقق منذ سنوات عديدة، حيث فشل 05 وزراء تعاقبوا على وزارة التضامن في تحسين وضعية هذه الشريحة، خاصة فيما يتعلق بالرفع من منحة المعاق وتوفير مناصب شغل، ما دفع معاقين إلى إطلاق شعار"يوم الكذب" على هذه المناسبة التي تتكرر كل عام ووضعية المعاقين في الجزائر تزداد تخلفا في ظل ارتفاع غلاء المعيشة التي دفعت مئات بل ألاف المعاقين إلى التسوّل في المساجد....! وزيرة التضامن مونية مسلم لـ "الشروق":
منحة 4000 دج شهريا معقولة وتكفي المعاق!
اعتبرت وزيرة التضامن والمرأة وقضايا الأسرة مونية مسلم سي عامر في تصريح للشروق بأن الدولة تصرف أموالا أكثر بكثير على ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال التغطية الاجتماعية ومصاريف العلاج المجاني والنقل، ما يجعل حسبها المنحة المالية المقدرة بـ4 آلاف كافية ومعقولة.
قالت وزيرة التضامن موجهة كلامها لمن يقلل من قيمة منحة ذوي الاحتياجات الخاصة "عندما تتكلمون على منحة المعاقين يجب أن لا تنظروا فقط لمبلغ أربع آلاف دينار"، مشيرة في السياق إلى أن الحكومة تتكبد مبالغ أكثر للتكفل بذوي الاحتياجات الخاصة من نقل مجاني وأجهزة والتغطية الاجتماعية المتمثلة في مصاريف العلاج، الدواء، الضمان الاجتماعي، لتشدد على أن الدولة من هذا المنطلق لن تتنصل من مسؤوليتها للمساعدة أكثر فأكثر، واعتبرت أن برنامج الرئيس يحث على مرافقة ومساعدة هذه الفئات من خلال العمل على إخراجها من الوضع التي هي فيه للخروج إلى وضع أحسن، وهذا بإدماجهم في مناصب عمل تضمن حياة كريمة لهم.
أكدت مونية مسلم على أن وزارتها ترافع من أجل الزيادة في منحة المعاقين، أما بخصوص نسبة الزيادة إذا كانت مئة بالمئة، فالحكومة -تقول - هي التي تقرر بعد دراسة الآثار المالية، كما أن العمل يتطلب تدخل القطاعات الأخرى، وليس فقط وزارة التضامن، ونوَّهت في هذا المقام بأن الزيادات في المنح ستشمل المعوقين بنسبة مئة بالمئة لا لكافة المعوقين، وشدَدت على أن مديريات النشاط الاجتماعي التابعة لوزراة التضامن تعكف حاليا على تحيين بطاقية المعوقين للتأكد من صحة الملفات والمستفيدين من الإعانات والمنحة، خاصة أنه تم اكتشاف عدة حالات احتيال ونصب، حيث تم تسجيل حالات لأشخاص غير معوقين يستفيدون من منحة الإعاقة.
الوعود تتغير كلما تغير الوزير
5 وزراء خلال 5 سنوات عجزوا عن رفع "منحة الذل"!
تعاقب على وزارة التضامن خلال 5 سنوات الأخيرة 5 وزراء، ما يدل على عجز كل وزير في تغيير واقع هذه الشريحة، التي تتعدى 03 ملايين معاق، وكان وزير التضامن الأسبق جمال ولد عباس أكثر من عمّر في هذه الوزارة، حيث بالغ في إطلاق الوعود لدرجة أطلق عليه معاقون اسم "بابا نويل" لتنتهي عهدته سنة 2011، وجميع الوعود التي كان يكررها كل 14 مارس لم تتحقق.
عيّنت سنة 2011 السيدة نوارة جعفر وزيرة للتضامن، لتتجدد الوعود ويتجدد الأمل لدى المعاقين، الذين كانت مطالبهم ثابتة، وهي رفع المنحة بما يعادل الحد الأدنى للأجور، وتطبيق قانون توظيف المعاقين في المؤسسات بنسبة 01 بالمائة، وتمكين المعاقين من وسائل النقل والوصول لمختلف المرافق من خلال ممرات استثنائية، خاصة وأن الوزيرة الجديدة معروفة وكانت صحفية سابقة وطالما دافعت بصوتها عن هذه الشريحة، غير أنها لم تعمر طويلا في هذا المنصب ولم تتمكن من تحقيق أيا من هذه الوعود.
سنة 2013 عين السعيد بركات وزيرا للتضامن وحان خطابه حماسيا، وأكد أنه جاء بهدف تغيير وضعية هذه الشريحة، معلنا عن نيته في رفع المنحة وتوفير مناصب شغل ثابتة لهذه الشريحة، غير أن الوزير رحل ولم يحقق ولا وعدا من الوعود التي أطلقها.
سنة 2014 عين الرئيس الباحثة سعاد بن جاب الله وزيرة للتضامن، غير أنها لم تعمر بدورها طويلا، واعترفت أن تغيير وضعية هذه الشريحة يتطلب قرارات سياسية في أعلى مستوى، وفي نفس السنة تم تعيين المحامية مونية مسلم على رأس وزارة التضامن، والتي تقلدت هذا المنصب بإرادة حديدية وأطلقت النار على بعض المسؤولين بالوزارة الذين اتهمتهم بالتخاذل في خدمة هذه الشريحة، وسيأتي يوما وسترحل مونية مسلم عن هذه الوزارة، وسيسجل التاريخ ماذا قدمت لهذه الشريحة في عهد"التقشف"، بعدما عجز الوزراء السابقون عن التغيير في زمن البحبوحة.
رئيس الاتحاد الوطني للمعاقين محمد نبيل رزاق:
منحة 4000 دج هي عار في جبين الوزراء
اعتبر رئيس الاتّحاد الوطني للمعاقين محمد نبيل رزاق المنحة الشهرية التي تصرف للمعاق في الجزائر والمقدرة بـ 4 ألاف دج ضئيلة جدا، بل وصفها بـ"منحة الذل والعار"، حيث قال إنه وبالرغم من الوعود الأخيرة التي أطلقتها وزارة التضامن بخصوص رفع قيمتها بنسبة مائة بالمائة نهاية العام المنصرم، إلا أنها ظلت مجرد تصريحات يطلقها المسؤولون في كل مناسبة دون أن تتجسد على أرض الواقع، متسائلا عن كيفية صرف منحة كهذه على احتياجات المعاق إذا كان أعزبا، فما بالك في حال ما إذا كان متزوجا ولديه أولاد، مضيفا أنهم لا يستفيدون من هذه المنحة في الوقت المحدد لها، إذ تتجاوز مدة الشهر وتتعدى أحيانا ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن المعاقين بنسبة مائة بالمائة هم من يستفيدون من مبلغ 4000 دج، فيما يمنح بقية المعاقين مبلغ 3000 دج.
وكشف المسؤول الأول في الاتحاد الوطني للمعاقين عن وجود أشخاص أصحّاء يتلقون المنحة عن طريق التزوير والتواطؤ فيما يُحرم منها من هم أهل لها، وفي هذا الإطار ناشد"رزاق" وزارة التضامن بتطهير قوائم ذوي الاحتياجات الخاصة من المتطفلين والانتهازيين على حد قوله، كما طالب برفع منحة المعاق وجعلها تتلاءم مع الحدّ الأدنى للأجور، خاصة وأن المعاق شخص يستحيل أن يزاول مهنة كغيره من الأصحاء، لذا وجب زيادة قيمة منحته الشهرية حتى يستطيع التمتع بحياة كريمة.
رغم فرض عقوبات جديدة ضد المؤسسات التي لا تشغلهم
95بالمئة من المعاقين يعانون البطالة الإجبارية
تعاني فئة المُعاقين بالجزائر تهميشا كبيرا في مجال التوظيف، رغم إصدار جملة من النصوص القانونية والتنظيمية لتغطية حاجيات هذه الفئة، فالمُعاق وحسب قانون 02/09 المؤرخ في 08 ماي 2002 لابدُّ له من تكفل اجتماعي وإداري، خاصة حقه في التكفل المهني، لكن الواقع المُعاش يُثبت عكس ذلك، 90 بالمائة من المعاقين في الجزائر بطّالون ومنهم أرباب أسر، فهذه الفئة تُمنع من العمل حتى في أبسط الوظائف .
ويبرر أصحاب المؤسسات العامة والخاصة رفضهم تشغيل المعاق بعدم قدرته على العمل، رغم أن المُعاق يبدي متفوّقا في العمل أكثر من الإنسان السليم، بدليل إبداعاتهم المستمرة في مجالات مختلفة وتفوّقهم في بعض اختصاصات التكوين المهني، والسؤال المطروح ما مصير ألاف المُعاقين من حملة الشهادات الجامعية؟، يرى عضو المجلس الوطني لمستخدمي الإدارة العمومية (سناباب) عبد القادر فاطمي للشروق، أن رفض كثير من المؤسسات العمومية توظيف ذوي الاحتياجات الخاصة له علاقة بسير العمل، فمثلا الحماية المدنية لا توظف شخصا معاقا، ولا يمكن لمعاق أن يعمل في منصب حارس، ولكن قانون الوظيف العمومي يعطيه الحق في شغل وظائف تتلاءم مع تكوينه الجسدي والنفسي، غير أن المؤسسات تتخوف من تشغيلهم وتفضل الأصحّاء، ويقضي المرسوم الوزاري الصادر سنة 2002 بتوظيف شخص مُعاق من بين 100 شخص .
كما أكّدت وزيرة التضامن الوطني والأسرة وقضايا المرأة مونية مسلم، أن المؤسسات التي لا تُخصص مناصب شغل للمعاقين ابتداء من سنة 2015 ستكون مُلزمة بدفع رسوم.
تزامنا مع احتفالهم بيومهم العالمي
وزارة التضامن تقابل احتجاجات المكفوفين بالشرطة!
قرر عدد من المكفوفين الحاملين لشهادات جامعية، الذين يعانون البطالة منذ سنوات الاحتجاج يوميا أمام مقر وزارة التضامن الوطني ببئر خادم، لغاية الاستجابة لطلبهم المتمثل في مناصب شغل دائمة، وهم من خريجي الجامعة سنة 2010، تحصلوا على شهادات في علم الاجتماع، والإعلام والاتصال، التاريخ، والشريعة.
تجاوز عدد هؤلاء حسب تأكيد زملائهم الذين اتصلوا بالشروق، الـ50 مكفوفا عبر القطر الوطني من ذوي الشهادات الجامعية، ورغم ذلك همشوا بسبب عدم إدماجهم في عالم الشغل وبقائهم عاطلين عن العمل منذ تخرجهم من الجامعة، حيث طالبوا وزيرة التضامن مونية مسلم سي عامر، بحل مشكلتهم.
هؤلاء المحتجون اتصلوا نهاية الأسبوع بالشروق، من مقر الشرطة بعد اعتقالهم ومنعهم من البقاء أمام الوزارة، التي لجأت للأمن كحل استعجالي رافضة الاستماع لمطالبهم.
قال 6 مكفوفين الذين تمسكوا بالاحتجاج، إن مسابقة التوظيف التي يشارك فيها ذوي الاحتياجات الخاصة جنبا إلى جنب مع الأشخاص العاديين، غالبا ما لا ينجحون فيها وهو ما يحرمهم من العمل والتوظيف، حيث اعتبروا ذلك تهميشا لهم، وأكدوا أنه رغم مراسلة وزارة التضامن الوطني في العديد من المرات، إلا أنها لم تحرك ساكنا لحل مشاكل هذه الفئة، مستغربين من التصريحات التي تأتي بها الوزيرة فيما يخص إدماج فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، ويرون أن الحل هو الإضراب عن الأكل والشرب والبقاء أمام مقر الوزارة لغاية تلبية مطالبهم.
زواج المعاقات.. حلم جميل والمعاناة أكبر
تنتظر كل فتاة معوقة موعد لبس ثوب الزفاف بفرحة تحت وطأة ألم الإعاقة والخوف من تبدد حلمهن على صرخة الواقع القاسي، ويشغل أذهانهن التساؤل: تُرى هل يقبل الرجال الزواج بمعاقات؟، منهن (س.م) عمرها 40 سنة، لم تجد من يرضى بها زوجة حتى الآن، مع أنها تملك قدرا من الجمال لا بأس به، ولم تدرس بسبب نقص الامكانيات في تنقلها، ورغم إعاقتها فقد اكتسبت مهارات ربة المنزل، أما (هـ.ع) فلها حكاية أخرى، حيث تقدم لخطبتها أرمل له أولاد وأحفاد عن طريق أحد الأقارب وصدمت عندما رآها الخطيب وصرخ في وجه الوسيط ولامه عن اقتراحه له زوجة معوقة دون علمه، وذهب ولم يعد مرة ثانية، ما أدى إلى تعرضها لصدمة نفسية مازلت تعالج من آثارها، وقالت (ف.م) تعاني من إعاقة بصرية "الإعاقة بمختلف أنواعها تمنع غالبا المعاقين من الزواج، وأحيانا تؤخر زواجهم، لكن المشكلة هنا أنهم قد يقدمون تنازلات مختلفة للقبول بهم كأزواج أو زوجات، وهذا قد يسبب مشاكل فيما بعد".
وتضيف:"أعتقد أنه يجب عدم إضفاء ظلال اليأس على المسألة، فهناك حالات عدة من المعاقات متزوجات ويعشن كغيرهن من النساء"، والدليل على ذلك حالة (ن.ش) فاقدة لحاستي السمع والنطق التي تزوجت من رجل مطلق ولديه طفلة، وحين تقدم لخطبتي لم يكن يعلم بأنها صم بكم، فتخوّفت وانتابها القلق من فقدان فرصتها، خصوصا أن الزواج كان حلم حياتها، فقد كانت تحلم دوما بإنجاب الأطفال، فحدث ود متبادل فيما بينهما، فتزوجا وتعامل معها بالإشارة تارة والكتابة تارة أخرى ورزقت بطفل سليم معافى.
السكن والتوظيف بالشركات البترولية على رأس مطالب المعاقين بورڤلة
منشآت نفطية تضرب تعليمة تشغيلهم بنسبة 1 بالمائة عرض الحائط
فيما يحتفل العالم باليوم العالمي للمعاق المصادف لـ 14 من الشهر الجاري كل عام، لا يزال المعاقون الذين كانوا بالأمس القريب يسمون بذوي الحقوق، أي الذين يتمتعون بكل الحقوق، ثم بعد ذلك تسميتهم بذوي الاحتياجات الخاصة في الجزائر عموما والجنوب خصوصا، يطالبون بإدماجهم في المجتمع من خلال توفير كل الحقوق لهم وفقا لما يكفله لهم القانون.
يعد السكن والعمل من بين أهم المطالب التي يطالب بها ذوو الاحتياجات بورڤلة، على غرار نظرائهم من الأصحاء، حيث لا يزال الكثيرين منهم محرمين من التوظيف في الكثير من المؤسسات منها الشركات البترولية، كما أنهم لم يحضوا بإمتيازات تضمن حمايتهم من أية انتهاكات لحقوقهم، الأمر الذي جعل الكثير من الجمعيات النشطة في هذا المجال خاصة التي تدافع عن حقوق المعاقين، وتدعو إلى التكفل الأمثل بهم ومعالجة النقائص والثغرات الموجودة في القانون الخاص بهم، إضافة إلى المطالبة بفتح المؤسسات التي كانت في السابق توظف المئات من المعاقين، حيث تشير آخر الإحصائيات أن هذه المؤسسات والمصانع كانت توظف أكثر من 3 آلاف كفيف على مستوى التراب الوطني قبل غلقها، ليجد هؤلاء مصيرهم الشارع، أين تعاني وتتخبط شريحة كبيرة منهم جراء التهميش وتنتظر فرصة إدماجها في عالم الشغل.
وتزامنا وهذا الحدث العالمي لفئة المعاقين، ناشد عدد من ذوي الاحتياجات الخاصة بورڤلة، وخصوصا حاملي الشهادات الجامعية في مختلف التخصصات، في حديثهم لـ"الشروق" السلطات المعنية بضرورة توظيفهم بالمؤسسات النفطية الناشطة بتراب عاصمة النفط حاسي مسعود، عملا بنص التعليمة القاضية بتشغيل ما نسبته 1 من المائة من المعاقين، وهي التعليمة التي تم ضرب بها عرض الحائط من قبل المنشآت النفطية العاملة بمنطقتهم على حد تعبيرهم، وهو ما دفع بهم في العديد من المرات للخروج إلى الشارع والاحتجاج أمام المقرات الإدارية، على غرار مقر الولاية المذكورة، من أجل مطالبة المسؤولين بضرورة النظر في وضعيتهم، وإنقاذهم من مستنقع البطالة، عن طريق توظيفهم بكبريات الشركات أو تعويضهم بمبالغ مالية والتي توضع في صندوق خاصة بهم.
ويطالب المعاقون السلطات العليا بما فيها الوزارة الوصية بضرورة التكفل الأمثل بهم، من خلال وضع قانون يحميهم من الإجحاف والإختلالات التي كانت ولا زالت تلاحقهم حسبهم، كما من شأنه أن يخفف من معاناتهم التي يتخبطون فيها
مصدر الخبر
