تعيش صنعاء ومدن يمنية عدة أزمة خانقة في المشتقات النفطية لم تشهدها من قبل، إذ اصطفّت السيارات في طوابير طويلة أمام محطات الوقود، وسط مخاوف من تأثير الأزمة السلبي على أسعار النقل والسلع والخدمات وكلفة المعيشة.
وقال رئيس «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» اليمني مصطفى نصر في حديث إلى «الحياة»: «اليمن يعاني انعداماً شبه تام للمشتقات النفطية، أي البنزين والديزل، ما يهدّد بانهيار الوضع الاقتصادي، لا سيما أن الموانئ البحرية والجوية مغلقة، وتوقّف استيراد المشتقات النفطية التي تعتمد عليها حركة النقل والشركات ومحطات الكهرباء وغيرها، نتيجة عملية عاصفة الحزم».
وأعرب نصر عن قلقه من التدهور الاقتصادي والوضع الإنساني الصعب بسبـــب الصراع المسلّح في أكثر من محافظة، أبـــرزها عدن، محذراً التجار الذين يتلاعبون بالسلع ويخفونها بهدف احتكارها خــــلال هـــذه الفترة الحرجة، وداعياً اليمنيين إلى عدم الانجرار وراء الإشاعات والمسارعة في شراء المواد الأساس وتخزينها، إذ أن الكميات الموجودة في السوق تكفي لنحو ستة أشهر في الأوضاع الطبيعية.
وأشار إلى أن «حالة الهلع التي أصابت المواطنين ودفعتهم إلى شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية الأساس، واحتكار بعض التجّار للمواد، تؤدي إلى اختناقات كبيرة في المواد الأساس وإلى عدم وصولها إلى فئات كبيرة من السكان، لا سيّما الأسر الفقيرة». وأشار إلى إعلان «مجموعة هائل سعيد أنعم وشركاه»، أكبر المجموعات الصناعية والتجارية في اليمن، عدم رفع أسعار منتجاتها المصنّعة محلياً أو المستوردة.
وقدّر «مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي» في بيان عن الوضع الاقتصادي والإنساني، خسائر الاقتصاد اليمني بأكثر من بليون دولار منذ بدء عملية «عاصفة الحزم»، كما أصيب الاقتصاد بحال ركود شبه كلي وتضرّر عدد من المنشآت الاقتصادية، وانعدمت العملة الصعبة في السوق، وتوقّفت الموانئ البحرية والجوية عن استيراد السلع وتصديرها.
وتوقّع نصر ارتفاع عدد اليمنيين المحتاجين إلى مساعدات إنسانية عاجلة إلى أكثر من 12 مليوناً، مشيراً إلى أن نسبة الذين يعيشون بأقل من دولارين في اليوم تجاوزت 60 في المئة. ورصد المركز ارتفاعاً في أسعار المواد الأساس في صنعاء والحديدة وتعز وعدن وعدد من المحافظات الأخرى بنسب متفاوتة، وتزامن ذلك مع إقبال المواطنين على شراء كميات كبيرة من المواد الغذائية، واحتكار بعض التجّار للسلع الأساس تحسّباً لارتفاع أسعارها خلال الأيام المقبلة.
وأشار إلى «ارتفاع كبير في أسعار القمــــح والدقيق والسكر في تعز راوح بيـــن 20 و40 في المئة، إذ وصل سعر كيس الدقيق، الذي يزن 50 كيلوغراماً، إلى 32 دولاراً مقارنة بـ24 دولاراً سابقاً»، مطالباً السلطة المحلية بتحمل مسؤوليتها في ضبـــط المتلاعبين. وارتفعت أسعار المواد الأســـاس في محافظة الحديدة الساحلية 15 فــي المئة، وفي صنعاء نحو 10 في المئة.
وأسف المركز للحالة الإنسانية التي تعيشها عدن بسبب القصف العشوائي على المنازل والمواجهات في الأحياء الآهلة بالسكان، مستعجلاً السماح لفرق الإغاثة الإنسانية والإنقاذ بإيصال المواد الأساس والدواء للمتضرّرين. وكشف أن كثيراً من الأسر الفقيرة المحاصرة لم تستطع الوصول إلى المتطلّبات الأساس من الغذاء والدواء، لا سيما مع إغلاق المحال التجارية نتيجة استمرار القصف العشوائي، مشيراً إلى أن «الموظّفين الحكوميين حوصروا لأيام ولم يتسلّموا رواتبهم نظراً إلى إغلاق البنوك والمكاتب الحكومية». وحضّ المركز المنظّمات الإنسانية في المحافظات اليمنية على تحمل مسؤولياتها في الوصول إلى المحتاجين في مناطق الصراع في عدن.
ـ الحياة اللندنية
القراءة من المصدر